الأربعاء، 3 يونيو 2015

مناجاة

‏نداء هزيل ضعيف مني، وأنا الفقيرة الجوفاء المسكينة.. إلى الملك الأكرم العظيم رب الأولين والآخرين..
نداء من مدينتي الصغيرة، من الشارع الذي أسكن فيه، البيت الذي أعيش فيه، أنت تراني من بين الخلق أجمعين، وتراهم في هذه اللحظة أيضًا..
إليه سبحانه، وهو الأوّل، والآخر، والظاهر، والباطن، وهو بكل شيء عليم..
أناديك وأسترحمك وأستغفرك، وأرجوك.. أرجوك أن تقبل هذه الكلمات عندك وأن تقربني منك وتعيذني من شر نفسي والشيطان..
أدرك يارب أن الخلوة معك، وسجادة الصلاة تليق بهذه المناجاة أكثر مما يُنشر على ملأ الناس.. ولكن، مناجاتك يارب، تمنحنا جميعًا وأنت أعلم.. راحة و حبًا لك ولذة في الحديث عنك، ولك..
نداء هزيل حزين مني، لا يشبه صدق مناجاة زكريا، وهو يصف لك وهن عظمه وأن الشيب غزاه وغزا رأسه..
لا يشبه يقين زكريا وهو يصف لك الحال ويعلم أن امرأته عاقر وأنه كبر في السنّ، وهو مع ذلك يسألك الولد.. يعلم أن السُّنَّة الكونية أن لا يُنجب، ويعلم أنه لا يعجزك شيء في الأرض ولا في السماء..
نداء هزيل مسكين مني، إليك، أرفعه بكل رجاء.. أن تغفر لي، واستغفاري لا يشبه استغفار ذا النون الصادق الذي بقي في بطن الحوت يوحّدك ويسبحك ويندم على مافعل ويعترف بخطئه..
نداء مكسور، يشبهني.. يشبه خيباتي وأخطائي التي يعجزها العد.. يشبه محاولتي العرجاء كي أكون صادقة في العودة إليك وفي رجاء ماعندك..
نداء مهترئ تخرمه الذنوب، لا يشبه لحظة الكمال التي كلمت فيها موسى بجلالك..
لا أشبه صدق الأنبياء، ولا أقارب حتى.. ولكني مسكين! أحتاج أن تؤويني إلى كنفك وأن ترحمني..
تائه أنا وصدِئ، أحتاج رأفتك بي!
يا أمان الخائفين.. تعلم تلك اللحظة التي كنت أطوف فيها في بيتك الحرام وأنا مطأطئ رأسي لا أدري ماذا أقول، حينها مرت بجانبي امرأة لا أعرفها ولم أرها حتى.. وهي تناديك: يا أمان الخائفين، يا أمان الخائفين..
أزهرتُ، وأمِنت وأنا أناديك: يا أمان الخائفين..
سبحانك..
ندائي بحد ذاته يمنحني الراحة والأمان.. فكيف لو قربتني، وأمنتني اليوم، ويوم الفزع الأكبر؟
يا ربّ..
يارب وأنت القائل:"ألا بذكر الله تطمئن القلوب" هذا ذكرك، يطمئن القلب ويريح الفؤاد.. فكيف لو رأيناك؟
أنت الله بعزتك وجمالك وجلالك وجمالك، لا تحرمني اللحظة التي يُنادى فيها أهل الجنة: إن ربكم يستزيركم فحي على زيارته.. وأعني على حسن المقدم عليك وارزقني حسن الوفادة على بابك..
لا أجيد الكلام ولا صفّ الحروف ولا أملك بيانًا أصف به ضعفي وحاجتي ورغبتي في القرب منك وفي وصف أخطائي وخيباتي الشوهاء.. ولكنك برٌّ كريم رحيم عليم..
ماذا عساي أقول يارب؟ أحمدك ملء السموات والأرض ومابينهما وملء ما شئت من شيء بعد، على أن بابك مفتوح في أي ساعة وأي زمان وأي مكان، وعلى أنك سميع قريب حي قيوم لا تنام..
لا تختلط عليك الحاجات.. ترتفع إليك في هذه اللحظة ما لا يحصى من الحاجات والكروب والدعوات، وتعلم مسألة فلان وحال فلان أكثر منه، تسمع الجميع وترى الجميع وتعلم حال الجميع في نفس الوقت..
لستَ محتاجًا إلي، ولا إلى أي شيء في هذا الكون الرحب الفسيح الذي يصغر أمام عظمتك.. لكني محتاج إليك في خفقة قلبي وغمضة عيني.. محتاج إلى لطفك بي وحلمك علي.. ورحمتك بي..
سترتني وآويتني وأعطيتني عمري السابق كله.. وأنت الله الكريم حاشاك أن تفضح عبدًا تفضلت عليه بسترك الجميل فيما مضى ولا تتم نعمتك عليه بالغفران..
أحمدك، ثم أحمدك، ثم أحمدك.. على السراء والضراء.. على ما تعطيني وما تمنعني..
أحمدك عدد ما لا أحصي على كل فضل سقته إليّ ولو بذلت ما بذلت من جهد ما جاءني إلا بمحض فضلك علي وبركتك..
أرفع هذه المناجاة إليك، وأحمدك.. تعرفني أكثر مني، من نفسي.. أحمل قلبي بين جنبيّ لكني لا أعرفني! وأجهل من نفسي ما يعيي عن العدّ.. وأنت الله في عليائك تعلم تفاصيل تفاصيلي، وتراني وترى حاجاتي وآمالي، وأنت السميع البصير..



فشلت في إقفال هذه المناجاة التي لا أريدها أن تنتهي..

لو أن العمر كله في بث الشكوى إليك..
لو أنني أبرأ من نفسي ومن ضعفي وأعتمد على حولك وقوتك وأنت الغني القوي العزيز..
لو أنني أكون صالحة كما تحبّ.. لو أنني..
لو أنني أغسل قلبي بدلو من زمزم.. يعيده طريًا غضًا نقيًا ليس فيه نكتة سوداء..
هشّة أنا ياربّ.. وأنت أعلم! قوِّني، وكن معي، وذكرني دومًا أن ألجأ إليك في خوفي وأمني وبهجتي وحزني..
قوِّني ياربّ وذكّرني أن أفرّ إليك وأفرّ، وأترك الدنيا بمافيها وراء ظهري..
يارب..
 لو كنتُ أكثر عبادك طاعة لك واستجابة لأمرك لا أريد أن تعاملني بما أنا أهله.. فكيف وأنا غريق في الذنوب؟ عاملني بما أنت أهله، أنت أهل المغفرة..
مددًا من عندك يارب يغذي إيماني ويجعلني قويّة صلبة تهرع إليك في السراء والضراء، أستمدّ قوتي منك وأنت القويّ..
يارب، عجزت عن تربية نفسي.. ربني وأنت ربي!
"ويارب سامحني على كل لحظة، يأست بها أو خفت فيها من الغد"..
وأسألك ياربّ، أن تحبّني..

هناك 14 تعليقًا:

  1. فنِعم الربُّ مولانا وإنّا..
    لنعلم أننا بئس العبيد..

    ردحذف
    الردود
    1. يالله ، تبارك تبارك وزادك نوراً على نور ، الحمدلله الذي دلني ان اقرأ كلماتك ، والحمدلله اضعاف على وجودك خوله ، الله يحبك .

      حذف
  2. فتح الله عليك وزادك من فضله ، تملكين موهبه في كتابه الرقائق اهنيك عليها بإنتظار المزيد 🌹

    ردحذف
  3. السلام عليكم
    ما شاء الله.. الله يزيدك إيمان و يقين وسعادة

    ردحذف
  4. آمين آمين
    رضي الله عنكم وأرضاكم جميعا

    ردحذف
  5. يالله يالله
    الله يجبر خاطرك ويفرحك كم احب كلماتك

    ردحذف
  6. عجزت أُوصِّف جمال كلماتك النابعة من قلبك ، تأثرت ودمعت عيناي اتمنى لك التوفيق لا تحرمينا من ابداعك ����

    ردحذف
  7. يالله يالله يالله
    خوله انا اشكر الله شكر عظيما ان دلّني عليك ، الله يثبتنا وإياك على الطريق المستقيم ويجمعنا بجناته على سرر متقابلين
    اكثري لنا من الابتهالات قلوبنا تحتاج لمن يرققها ويذكرها بخالقها على الدوام��

    ردحذف
  8. بفضلك يالله قرأت كلماتك وقلتي كلام سارحا في الجوف وجمعتيه لي فهنيئا ثم هنيئا لك واصلي ودمتي في حفظ الله وطاعته( ام سعد )

    ردحذف
  9. سيكون رائعا لو سجلت هذه المناجاة ونشرت على الساوند كلاود لترقيق القلوب خولة ..بورك قلبك

    ردحذف
  10. الحمدلله وشكرا لأقداره التي أوصلتني اليك والى ما كتبت هنا...
    من بيت اهلي في شارع حينا الصغير من مدينتي الصغيرة في جو ماطر أدعو الله أن يغفر لي ولك وللمسلمين ما تقدم من ذنوبنا وأن يدخلنا الجنة وكل مؤمن من آدم الى اخر بنيه.

    ردحذف
  11. دعيت الله أنه يحبك

    ردحذف
  12. تكفين استمري لو تشوفيني والله يا كلماتك إنها أسكنت قلبي وملأته نورًا، أسأل الله العظيم أن يُنير لكِ قلبك ودربك دُمتي بحفظ الرحمن❤️

    ردحذف