صديقي الإنسان: بعينك الجميلة ذات التركيب المعقد، تأمّل هذه الصورة..
انظر، كم إنسانا في هذا الموقف؟ كم قلبا يخفق؟ كم خفقة في الدقيقة الواحدة؟ كم من شهيق وزفير؟ كم من نقطة دم في عروقهم؟
والله يعلم سرهم ونجواهم وخائنة عيونهم، ويعلم آلامهم وحاجاتهم وإن لم ينطقوا بها
كم حاجة يدبرها الله من عليائه لهؤلاء العبيد؟
كم من خلية داخل جسم كل واحد منهم؟ كم من بلاء رفعه الله عنهم؟ كم من نعمة يغرقها الله ويغدقها ويسبغها عليهم؟
كم من موقف حصل لكل واحد منهم، يعلم الله تفاصيل تفاصيله، وأطرافه وكل مافيه؟
كم دمعة ذرفها كل واحد من هؤلاء العبيد، يعلمها الله قطرة قطرة، ويعلم أيها كان لوجهه وأي هذه الدموع خالطه من الرياء ما خالطه؟
كم صورة التقطتها أعينهم، من أول صرخات الولادة حتى شابت رؤوسهم؟ كم من فكرة تمرّ في أذهانهم؟ كم شعورًا عبَر قلوبهم؟
كم من أذى رفعه الله عنهم وهم لا يشعرون؟
كم لطف من اللطيف تغشاهم وهم غافلون لا يرتابون بشيء؟
كم كلمة سمعوها؟ كم كلمة قالوها؟ كم بسمة رسموها؟ كم شخصا أسعدوه؟ كم شخصا أخطؤوا في حقه؟
وكم يشكل هؤلاء من سكان الأرض هذه اللحظة؟
وكم يشكل سكان الارض هذه اللحظة بالنسبة للناس على مرّ الزمان؟
أثناء تفكيرك في هذا الموقف، ألا يمر بذهنك خاطر يذكرك بيوم الحساب؟ ما نسبة هؤلاء الناس الذين شملتهم الصورة إلى أهل الأرض أجمعين؟
منذ أن خلق الله آدم.. إلى أن يُنفَخ في الصور، سيجمع الله الناس كلهم، كلهم.. على صعيد واحد.. الذي مشى على هذه الأرض التي تمشي عليها الآن قبل ثلاثة آلاف سنة، وأنت، والذي سيأتي بعدك، كلكم، ستجتمعون على صعيد واحد..
من بينهم كلهم، كلهم، لا ينسى الله صبرك وأنت شابّ!
تذكُرُ حديث رسول الله ﷺ : "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" ؟
لقد ذكر ﷺ منهم: "شاب نشأ في طاعة الله"
هل رأيت كل هذه الجموع؟ لن ينسى لك الله صبرك وأنت في فورة شبابك، من بينهم.. سيأتي بك، ويظلك في ظلاله!
لن ينسى لك أنك سحبت نفسك من فراشك لتصلي الفجر في وقتها..
لن ينسى لك أنك صاحبتَ كتابه ليلك ونهارك..
لن ينسى لك أنك قاومت الرغبة في مشاهدة فيلم امتدحه أصدقاؤك..
لن ينسى لك أنك تجاهد نفسك كي لا تسبل ثوبك، ولن ينسى لكِ أنك وقفت أمام ثوب أنيق أعجبك في السوق، ثم صرفتِ نظركِ، لأن الله لا يرضاه..
لن ينسى لك أنك تركت دراستك لامتحانك الصعب، وقمت كي تنفذ حاجة والديك..
لن ينسى، أنك قمت له في ظلام الليل، تشكو له في صلاتك، قلبك الذي يتمرد عليك، وتشكو له محاولتك لأن تكون أكثر صلاحا ولكنك لا تستطيع.. تشكو إليه ذنبك، وخوفك، ونفسك، ورغبتك فيما عنده.. لن ينسى لك أنك تذرف الدمعة تلو الأخرى له، من تحت فراشك، لا يسمعها أحد، ولم يرها أحد سواه..
"يا بنيّ إنها إن تك مثقال حبة من خردل
فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض
يأتِ بها الله"
سيأتي بعملك، وإن كانت مثقال حبة خردل في أفلاك السماء،
أو في أعماق الأرض..
لن ينسى، أنك قمت له في ظلام الليل، تشكو له في صلاتك، قلبك الذي يتمرد عليك، وتشكو له محاولتك لأن تكون أكثر صلاحا ولكنك لا تستطيع.. تشكو إليه ذنبك، وخوفك، ونفسك، ورغبتك فيما عنده.. لن ينسى لك أنك تذرف الدمعة تلو الأخرى له، من تحت فراشك، لا يسمعها أحد، ولم يرها أحد سواه..
"يا بنيّ إنها إن تك مثقال حبة من خردل
فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض
يأتِ بها الله"
سيأتي بعملك، وإن كانت مثقال حبة خردل في أفلاك السماء،
أو في أعماق الأرض..
هل ترى عدد هؤلاء الخلق؟
لا تقلق، لن ينسى لك الله صبرك.. سيأتي بك، ويظلّك..
وهنا دمعت عيني!
ردحذفتكتبين الجمال!